المرأة في الإسلام

يظن بعض الناس بأن المرأة في الإسلام مضطهدة خاصةً إذا كانت تلبس الحجاب... مع أن الإسلام جاء لتحرير المرأة ولإعطاءها حقوقها كاملةً وجعل الحجاب لدرء فساد المجتمع ولجعلها جوهرة مكنونة، روحٌ قبل أن تكون جسد يُنظر إليه... وجعل غض البصر للرجال وبأن يغطي جسده من البطن إلى الرُكبة لكي تكمل الصورة الطاهرة لمجتمع نقي روحاني قبل أن يكون شهواني إلا في حدود ما شرعه الله.



جاء الإسلام بعد أن كانت المرأة عار يُستعر منه وتُدفن حيّة، إذ أن المشركين قبل الإسلام كانوا يوءدونها حيّة وهي صغيرة، حتى يُدفن ما استعر منه وما قد يستعر منه إذا هاجمت قبيلة على قبيلته واتُخذت ابنته جارية ولقد جاء الإسلام ليجرم هذه الجريمة القبيحة ونرى الله يصور هذا الضلال في هذه الآيات المبينة:



وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58)

يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ (59) "سورة النحل"



لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ (49) "سورة الشورى"



وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ (

بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ (9) "سورة التكوير"



فجاء الإسلام ليُكرّم المرأة وليعطيها حقوقها كاملةً مثل الرجل وحرّم قتلها بدون وجه حق بل اعتبر من يُقتل دونها للدفاع عنها من الشهداء في سبيل الله:

"من قتل دون ماله فهو شهيد . ومن قتل دون دينه فهو شهيد . ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد"

الراوي: سعيد بن زيد المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1421
خلاصة حكم المحدث: صحيح



ويقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه: "إنما النساء شقائق الرجال"

الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 2863
خلاصة حكم المحدث: صحيح



ويقول الله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمً (35) "سورة الأحزاب"



مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (97) "سورة النحل"



وفي النقاط التالية سأقوم بتوضيح –إن شاء الله- كيف كرّم الإسلام المرأة في كل مراحل حياتها:



- الطفولة:

لم يحرم الإسلام فقط وأد البنات بل كرّم من أنجبهن ووعده بالجنّة إن أحسن معاملتهن وتربيتهن، كما هو موضح في هذا الأحاديث:

- جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني ، فلم تجد عندي غير تمرة واحدة ، فأعطيتها فقسمتها بين ابنتيها ، ثم قامت فخرجت ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته ، فقال : من يلي من هذه البنات شيئا ، فأحسن إليهن ، كن له سترا من النار .

الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5995
خلاصة حكم المحدث: صحيح



- من عال جاريتين حتى يبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهذي. وضم إصبعيه

الراوي: أنس بن مالك المحدث: البيهقي - المصدر: الآداب - الصفحة أو الرقم: 46
خلاصة حكم المحدث: ثابت



- اتقوا الله ، و اعدلوا في أولادكم

الراوي: النعمان بن بشير المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 107
خلاصة حكم المحدث: صحيح



- الشباب:

كما أوضحت فإن الأب مسؤول عن معاملة ابنته معاملة كريمة وأن يعدل بينها وبين أخواتها وألا يكرهها على الزواج بمن تكره كما أوصى الإسلام الأب أو رجال العائلة بالإنفاق عليها والمساواة بينها وبين أخواتها الذكور في الإنفاق بل إن الأخ ملزوم أن يُنفق على أخته إن لم يستطع الأب ذلك. كما أعطاها الإسلام حق التعلّم.



- فعندما جاءت السيدة أسماء للرسول – صلى الله عليه وسلّم – لتسأله في أمور الدين استحيّت فقالت عائشة:نعم النساء نساء الأنصار! لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.

الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 332
خلاصة حكم المحدث: صحيح



- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، وكان معه غلام له أسود يقال له أنجشة ، يحدو ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويحك يا أنجشة ، رويدك بالقوارير (كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقصد النساء بالقوارير لرقتهن فشبّه - صلوات الله وسلامه عليه - رقتهن بزجاج القوارير القابل للكسر...).



الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6161
خلاصة حكم المحدث: صحيح



- الزوجة:



"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" (19) "سورة النساء"



وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ (228) "سورة البقرة"



فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ (229) "سورة البقرة"



- خيركم خيركم لأهله، و أنا خيركم لأهلي، ما أكرم النساء إلا كريم، و لا أهانهن إلا لئيم



الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 4102
خلاصة حكم المحدث: صحيح



يحترم الإسلام المرأة كزوجة وحثّ الرجل على معاملتها أحسن معاملة وكلّفه بأن يُنفق عليها كما هي مكلفة بأن تحترمه وبأن تعامله أحسن معاملة. نهى الإسلام الرجل بأن يُكره زوجته على أن تُعطيه من مالها بدون رضاها.



- في الإسلام لا تُسمى الزوجة باسم زوجها ولكن باسم أبيها.

- يجب أن يعامل الرجل زوجته بلُطف في العلاقة الزوجية ولا يجب أن يتسرع.

- يجب أن يعطيها مهر قبل الزواج كهدية لزواجه بها.

- في الطلاق: لها الحق في أن تطلب بأن تكون العصمة في يدها فإذا لم يوافق الزوج وهذا هو ما يحدث عادةً واستحالت العشرة بينهما فلها الحق في أن تطلب الطلاق ولكن إذا لم يريد الزوج تطليقها وإذا لم يجد القاضي أسباب طلاقها مُقنعة فلها أن تقوم بخلع نفسها من زوجها عن طريق رد كل ما أعطاها اياها والتنازل عن مؤخر الصداق وحق النفقة ولكنها لا تُجبَر بأن تحيى مع رجل لا تُطيقه ولمنع هذا من الحدوث، يقول الله تعالى في كتابه العزيز إذا حدث مشاكل بين الزوج والزوجة:

وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) "سورة النساء"

يكفينا معشر النساء بأن الرسول – عليه الصلاة والسلام - قال للأمة في خطبة الوداع: ما أكرم النساء إلا كريم، و لا أهانهن إلا لئيم.



- الأم:

وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23)

وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) "سورة الإسراء"



- جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال : أمك . قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك. قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك . قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك .

الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5971
خلاصة حكم المحدث: صحيح



المرأة كأم لها أعلى المراتب فلقد ذكر الله بر الوالدين في عدة آيات بعد عبادة الله وحده لما لهم من مكانة سامية وللأم الفضل الأكبر كما هو موضح في هذا الحديث:

- أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله, أردت أن أغزو ، وقد جئت أستشيرك ؟ فقال : هل لك من أم . قال : نعم ، قال : فالزمها فإن الجنة تحت رجليها

الراوي: معاوية بن جاهمة السلمي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 3104 خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح



يجب على الأبناء أن يسعوا لرضاها وألا يتاونوا عن بذل الجُهد من أجل اسعادها واكرامها إلا إذا تزوجت الإبنة فيكون اهتمامها الأول لزوجها ثم لأمها ويجب ألّا يُظهر الإبن تفضيله لزوجته عن أمه كما أنه مُلزم بالإنفاق عليها إذا كان قادراً مالياً وتكون الأم من الشهداء إذا توفت وهي تضع مولودها لما لها من مكانة سامية...



يقول الرسول – صلى الله عليه وسلّم -:

- استوصوا بالنساء خيرا ؛ فإن المرأة خلقت من ضلع ، و إن أعوج شيء في الضلع أعلاه ؛ فإن ذهبت تقيمه كسرته ، و إن تركته لم يزل أعوج ؛ فاستوصوا بالنساء خيرا

الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 960
خلاصة حكم المحدث: صحيح



خُلقت المرأة من ضلع أعوج لكي تُحيط القلب وتحميه من أي صدمات، لكي تكون عاطفية كما خُلقت، كلما زاد اعوجاج الضلع كلما زاد احتواءه وحمايته لقلب الرجل، فإذا كان الرجل قاسياً معها ولم يُقدر طبيعتها الرقيقة وحاول أن يُقوم ما جُبلت عليه، كسرها.. وأكثر ما يكسرها هو طلاقها...



لم يكرم الله المرأة ببعثة النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه فقط بل كان تكريم المرأة في عصور ما قبل الإسلام كما يتضح لنا:



- فعندما ترك النبي ابراهيم – عليه السلام – السيدة هاجر في مكة القاحلة الجرداء لحكمة إلاهية وعندما لم تجد فيها الماء لتسقي ابنها النبي اسماعيل – عليه السلام – أسرعت تركض بين تلال الصفا والمروة 7 مرات تبحث عن الماء لكي تسقي ابنها ولكنها لم تجد الماء فأسرعت لإبنها لكي تجد غدير من المياه ينبثق تحت قدمي ابنها اسماعيل فتكون هذه البئر بئر زمزم الذي يشرب منها الناس منذ آلاف السنين إلى وقتنا هذا ولكي تتكاثر القبائل حول مكّة وتُصبح معمورة بالناس تنفيذاً لحكمة الله ولكي يكون السعي بين الصفا والمروة 7 مرات منسكاً من مناسك الحج وتخليداً لذكرى هذه الأم العظيمة ولهذا الموقف العظيم ولكي يكون اجلالاً للأم في كل العصور...



- وكذلك كرّم الله السيدة آسيا، امرأة فرعون، التي ضربت لنا خير الأمثلة على امرأة آمنت بربها وبرسالة النبي موسى – عليه السلام – الذي دعا لعبادة الله وحده كما أُرسل لإنقاذ اليهود من بطش فرعون، ولكن قتلها فرعون، زوجها الطاغية، عندما علم بإيمانها ويقول الله تعالى في كتابه العزيز:



وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) "سورة التحريم"



- كما كرّم الإسلام أيضاً العذراء مريم البتول التي اتهمها اليهود في شرفها عندما أنجبت النبي عيسى – عليه السلام –، الذي أُرسل رحمةً وسلاماً للبشرية، بدون أب، لبيان قُدرة الله – عز وجلّ -:

إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (40) "سورة النحل"



ولا يوجد ما هو أروع من كلام الله الذي يسرد لنا قصة هذه الأم العظيمة في سورة مريم:

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ْ)